عقب إزاحة نيكيتا خروتشوف من سدة الحكم عام 1964، تولى ليونيد بريجنيف (Leonid Brezhnev) قيادة الاتحاد السوفيتي معلناً بذلك عن بداية سياسة جديدة بالبلاد. ولحين وفاته عام 1982، ساهم بريجنيف في خلق نوع من الاستقرار السياسي بالاتحاد السوفيتي واتجه في الآن ذاته لتحسين العلاقات الخارجية لموسكو مع دول الغرب.

في المقابل، شهدت سنوات حكم بريجنيف انتشاراً للفساد الإداري وتوسعاً للفجوة التكنولوجية مع الغرب تزامناً مع معاناة الاقتصاد السوفيتي من الركود.

إلى ذلك، أغضبت سياسة بريجنيف عدداً كبيراً من المواطنين السوفييت. وأواخر الستينات، تعرض الأخير لمحاولة اغتيال، على يد فيكتور إليين (Viktor Ilyin)، نجا منها بأعجوبة.

زي شرطة

التحق فيكتور إليين، المولود عام 1947 بلينينغراد، بالجيش السوفيتي، برتبة ملازم، عقب تخرجه من المدرسة التقنية عام 1968. وخلال تلك الفترة، عارض بشدة سياسة بريجنيف وانتقد التدخل العسكري السوفيتي بتشيكوسلوفاكيا لقمع ربيع براغ.

ويوم 21 يناير 1969، استولى إليين على مسدسين من نوع ماكاروف (Makarov)، عيار 9 ملم، قبل أن يفر وينشق عن فرقته العسكرية. ولاحقاً، عاد هذا الشاب البالغ من العمر 22 عاماً لمنزل والديه بلينينغراد حيث استولى على بدلة شرطة امتلكها صهره قبل أن ينطلق نحو موسكو منتحلا صفة شرطي لينفذ خطته ضد ليونيد بريجنيف.

اغتيال فاشل ومستشفى أمراض عقلية

بزي الشرطي، تنقل إليين بين عدد كبير من الأشخاص الذين تجمهروا عند الكرملين لمتابعة مرور موكب ضم رواد فضاء مهمتي سيوز 4 وسيوز 5 الذي كانوا مرفوقين بليونيد بريجنيف. وقد تواجد ضمن هؤلاء الرواد كل من فلاديمير شاتالوف (Vladimir Shatalov) وبوريس فولينوف (Boris Volynov) ويفجاني خرونوف (Yevgeny Khrunov) وألكسيي ياليساييف (Aleksei Yeliseyev). وبالفترة السابقة، حقق هؤلاء الأربعة شهرة كبيرة بالاتحاد السوفيتي عقب نجاحهم في القيام بمهمة فضائية صعبة.

وفي حدود الساعة الثانية مساء 22 يناير 1969، سحب إليين مسدسيه وأطلق حوالي 14 رصاصة نحو إحدى السيارات بالموكب. وبدلاً من سيارة ليونيد بريجنيف، أصاب هذا الشاب، بالخطأ، سيارة أخرى وتسبب في مقتل سائقها وإصابة أربعة رواد فضاء بجروح طفيفة.

وعلى حسب مصادر تلك الفترة، تمثل رواد الفضاء المصابين في كل من ألكسيي ليونوف (Alexei Leonov) وفالنتينا تيريشكوفا (Valentina Tereshkova)، المصنفة كأول امرأة تسافر نحو الفضاء، وجيورجي بيرغوفوي (Georgy Beregovoy) وأندريان نيقولاييف (Andriyan Nikolayev).

فيما أكد فيكتور إليين أثناء فترة التحقيق معه من قبل الشرطة السرية السوفيتية، أن المستهدف هو ليونيد بريجنيف. ومن خلال هذه العملية، سعى إليين لقتل القائد السوفيتي أملاً في تعويضه بالرجل الثاني في الحزب الشيوعي السوفيتي ميخائيل سوسلوف (Mikhail Suslov) الذي وصفه إليين بالرجل المناسب لهذه الفترة الصعبة من تاريخ الاتحاد السوفيتي.

وخلال الفترة التالية، شككت السلطات السوفيتية بالمدارك العقلية لفيكتور إليين وأرسلته نحو مستشفى أمراض عقلية بكازان حيث مكث لحدود عام 1988.