لماذا يرفض اللاعبون ترديد النشيد الوطني لبلادهم؟

لماذا يرفض اللاعبون ترديد النشيد الوطني لبلادهم؟

حينما يُعزف السلام الوطني قبل بداية مباراة في محفل قاري أو دولي، تردده الجماهير ولاعبوها بقلب رجل واحد في لحظة يمتزج خلالها الفخر بالحماس قبل صافرة بداية 90 دقيقة يمثلّون خلالها وطنهم، لكن أحيانًا يعُرض اللاعبون عن ترديد كلمات النشيد، وتختلف أسبابهم بين اعتراض على وضع راهن أو لأحداث تاريخية أو أسباب أخرى.

وخطف الإيرانيون أنظار العالم حينما وقفوا صامتين أمام منتخب إنجلترا، بعدما كرروا تلك الحادثة في المباريات الودية قبل انطلاق كأس العالم، لكنهم تراجعوا عن موقفهم يوم الجمعة وقاموا بتأديته قبل انطلاق لقاء ويلز.

تصرف لاعبي إيران كان دعمًا للتظاهرات المستمرة في بلادهم منذ منتصف سبتمبر الماضي، بعد مقتل الشابة الكردية مهسا أميني إثر اعتقالها من قبل الشرطة الدينية بسبب مخالفتها لقواعد اللباس هناك.

وسبق لاعبي إيران بأكثر من عقدين، الفرنسي كريستيان كاريمبو الذي كان جزءًا من قائمة الديوك التي توّجت بكأس العالم 1998، إذ كان يرفض دومًا ترديد “لامارسييز” المُمتد تاريخ كلماته إلى عام 1792.

وعلّق كاريمبو عن هذا الأمر قائلًا: عائلتي تعرّضت لأمور مريعة، لن أغني النشيد الفرنسي مهما حدث، فأنا أعرف ما حصل بالماضي.

تعود أصول كاريمبو إلى قبائل الكاناك، وهم السكان الأصليون لكاليدونيا الجديدة، إقليم فرنسي يقع في جنوب غربي المحيط الهادئ، ضُم إلى الإمبراطورية الفرنسية عام 1853.

الكاتب الفرنسي ديديه ديناكس في كتابه “كانيبال”، عرض مجموعة من الصور التاريخية لشعب الكاناك وهم يُعاملون كعبيد من الفرنسيين، كان الأمر أشبه بحديقة حيوان من البشر، يؤدون الرقصات لإمتاع المتفرجين.

اكتشف كاريمبو لاحقًا أن أحد الأشخاص في تلك الصور هو جده الأكبر ويلي، الذي تم بيعه رفقة إخواته لحديقة حيوان في ألمانيا مقابل مجموعة من التماسيح.

الألماني ذو الأصول التركية مسعود أوزيل تعرّض لهجوم شديد من الصحافة الألمانية حينما كان يدافع عن القميص الأبيض بسبب عدم ترديده لكلمات النشيد.

أوزيل علّق على الأمر خلال كتاب يوثق سيرته الذاتية وقال: قبل ركلة البداية، دائمًا ما أقوم بترديد الصلوات والدعاء، لقد أصبح هذا الأمر عادة عندي بعدما تعلّمته من أبي وأمي، دائمًا ما أقوم بالدعاء حينما أفيق من نومي، بعد الأكل وخلال النشيد الوطني.

لكن يبدو أن المبرر لم يقنع الصحف الألمانية التي عادته لمهاجمته مجددًا حينما ظهر وهو يردد النشيد التركي قبل إحدى مباريات فريقه السابق فناربخشة الذي لعب بصفوفه خلال موسم 2020-2021.

وعانى الإنجليزي واين روني من الهجوم عليه بسبب صمته أثناء نشيد بلاده قبل المباريات الدولية، وزعمت التقارير سابقًا أن السبب وراء هذا كان عدم معرفته بكلماته.

روني هوجم في مناسبات عدة بسبب “عدم إظهاره الاحترام للملكة” الراحلة، لكن الاتحاد الإنجليزي كان دائمًا ما يعلّق أن ترديد النشيد هو حرية شخصية للاعبين.

تكرر الأمر مرة أخرى مع ألكسندر أرنولد الذي ظهر صامتًا أثناء عزف نشيد إنجلترا قبل مباراة المجر في دوري الأمم الأوروبية، لكن لم يكن هناك أي تعليق رسمي هذه المرة.

ووجدت كرة القدم الأميركية اللعبة الأكثر شعبية في البلاد نفسها في قلب عاصفة سياسية بأغسطس عام 2016، بعد رفض بعض اللاعبين ترديد النشيد الوطني، واختاروا بدلًا من ذلك الجثو على ركبهم، اعتراضًا على معاناة الأقليات العرقية -وتحديدًا أصحاب البشرة السمراء- والدينية في الولايات المتحدة، على يد الأجهزة الأمنية.

كولين كايبرنيك لاعب فريق سان فرانسيسكو هو أول من بدأ موجة الاحتجاجات، وقال: لن أقوم بالوقوف بفخر وغناء نشيد بلاد تعامل أصحاب البشرة السمراء بتلك الطريقة، هناك جثث في الشوارع.

رئيس الولايات الأميركية السابق دونالد ترمب هاجم كولين ومن اتبعه من زملائه وطلب من رؤساء الأندية “إطلاق النار عليهم”.

في الموسم التالي، توصل مالكو الأندية إلى اتفاق يفرض على اللاعبين الوقوف خلال عزف النشيد الوطني أو البقاء في غرف الملابس حتى نهايته لإنهاء الجدل المُثار.

وفي 2012 اختار الرباعي الويلزي ريان غيغز وكريغ بيلامي وجو ألن ونيل تيلور عدم ترديد نشيد بريطانيا، على الرغم من اختيارهم تمثيل منتخب بريطانيا العظمى في منافسات كرة القدم بالأولمبياد.

أسطورة مانشستر يونايتد أكد أن سبب عدم غنائه هو أمر شخصي، وطالب مواطنيه بعدم إطلاق صيحات الاستهجان عند عزف النشيد قبيل مباراة بريطانيا العظمى وأوروغواي التي أقيمت بالعاصمة الويلزية كارديف.

منتخب بريطانيا العظمى لكرة القدم أثار غضب شعوب اسكتلندا وويلز وإيرلندا، بسبب تمثيل الرياضيين بالألعاب الأخرى لبلادهم دون وجود منتخب واحد يجمعهم.

وفي ذات النسخة من الأولبياد لكن هناك في حوض السباحة، لم يردد أسطورة السباحة الأميركية مايكل فيليبس نشيد بلاده عقب فوزه بالميدالية الذهبية الأولى له في لندن.

فيليبس قال لزملائه: آسف يا رفاق، لن أستطيع أن أغني معكم الليلة، وعلّق السبّاح عن تلك الواقعة لاحقًا: العواطف حبست كلماتي، عيناي كانتا غارقتين بالدموع.

Related post

اختفى 30 عاماً.. إيطاليا تعتقل أخطر زعماء المافيا

اختفى 30 عاماً.. إيطاليا تعتقل أخطر زعماء المافيا

بعد تواريه على مدى ثلاثين عاما، أوقفت السلطات الإيطالية في باليرمو أخطر المطلوبين بين رجال المافيا الإيطالية، ماتيو ميسينا دينارو المتحدر…
تعرف على قصة صاحب أغرب قبر بفرنسا

تعرف على قصة صاحب أغرب قبر بفرنسا

بباريس، دفن الفرنسيون بمقبرة بار لاشيز، أو الأب لاشيز (Père-Lachaise) العديد من الشخصيات البارزة بمجال الفن والأدب. وتضم هذه المقبرة قبور…

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *